قلة مشاركات نجوم ناشئي وشباب منتخباتنا الوطنية تهدد مواهبهم

استطاعت كرة السلة البحرينية عبر السنوات الماضية أن تفرض نفسها كأفضل المنتخبات التي تزخر بالنجوم والمواهب السلاوية في المنطقة الخليجية، وبات هذا مؤكدًا من خلال تحقيق أغلب البطولات الخليجية للفئات العمرية وتحديدا للناشئين والشباب كذلك، والذي بلا شك يبشر بمستقبل واعد لكرة السلة البحرينية لهؤلاء النجوم إذا ما تم الاعتناء بهم وتطوير مستوياتهم وفق خطة ودراسة سليمة. ولكن على الرغم من تحقيق هؤلاء النجوم للعديد من البطولات الخليجية في السنوات الماضية وتألقهم على كافة الأصعدة ليس خليجيا وإنما آسيوي أيضا، إلا أننا لا نجدهم في صفوف المنتخب الأول سواء في التشكيلة الأولى أو النهائية، وبالتالي بات مستقبلهم مجهول في ظل ثبات تشكيلة منتخب الرجال في السنوات الأخيرة. من يتحمل مسؤولية اختفاء المواهب ؟ هناك اختلاف في الرأي فيما يخص بهوية من يتحمل مسؤولية عدم وصول هؤلاء المواهب السلاوية في منتخبنا الوطني للرجال، فالبعض يحمل النادي الذي ينتمي له اللاعب في عدم إعطاء الفرصة الكافية له للمشاركة في المباريات وخصوصا عند انتقاله لمرحلة ما بعد فئة الشباب، والبعض يحمل الجهاز الفني باتحاد السلة في عدم وجود خطة تضمن المحافظة على هؤلاء المواهب وتطوير وصقل مهاراتهم بالصورة التي تضمن الحصول على منتخب قوي ومنافس على البطولات الخليجية لفئة الرجال على أقل تقدير. لقد أنجبت ملاعبنا السلاوية نجومًا على صعيد الفئات العمرية في السنوات الماضية، فلاعب نادي المحرق محمد ناصر كان من أفضل اللاعبين في البطولة الآسيوية للشباب التي أقيمت في إيران، وكذلك لاعب نادي المنامة صادق شكرالله الذي حصد على أفضل لاعب في البطولة الخليجية للشباب في الشارقة، بالإضافة إلى زميله العملاق محمد جاسم وكذلك لاعب النادي الأهلي محمد غزوان كانا من أفضل اللاعبين في البطولة الخليجية للناشئين التي أقيمت بالبحرين. جميعهم لعبوا وتألقوا وبرزوا مع المنتخب الوطني للفئات العمرية وحققوا البطولات، ولكن رغم ذلك فإن فرصة تواجدهم في صفوف المنتخب الأول تكاد معدومة في ظل تواجد كوكبة من نجوم اللعبة الذين يعتمد عليهم في أغلب المشاركات الخارجية على مستوى الرجال. وعلى سبيل المثال، منتخبنا الوطني للشباب الذي كان قريبا من التتويج ببطولة الخليج التي أقيمت بجدة في 2011 لولا الأحداث المؤسفة التي شهدتها مباراة المنتخب مع الكويت وحرمته من اللقب، لم يخرج من هذا المنتخب سوى ثلاثة لاعبين فقط تواجدوا بشكل مؤقت في منتخبنا الوطني للرجال في الفترة الأخيرة، وهم محمد بوعلاي وعلي شكرالله ومحمد أمير، على الرغم أن المذكورين لم يتواجدوا بشكل دائم مع منتخب الرجال. بطولة واحدة هي حصيلة مشاركات اللاعب مما لا شك فيه أن المشاركة في البطولات تنمي من قدرات اللاعب الذي يمثل المنتخب الوطني، ولكن من الملاحظ أن مشاركة لاعبي المنتخبات الوطنية للفئات العمرية تقتصر فقط على البطولة الخليجية التي تعد مؤهلة للبطولة الآسيوية، فإذا ما تمكن المنتخب من حصد المركز الأول أو الثاني بالبطولة، فإن المنتخب يمتلك فرصة أخرى للمشاركة، وإذا فشل في تحقيق أحد هذين المركزين، فإن حصيلة مشاركة اللاعب مع المنتخب هي بطولة واحدة فقط قبل أن ينتقل لمرحلة عمرية أخرى إذا ما تم استدعاؤه في الأساس. قلة مشاركات المنتخبات الوطنية تسهم في حجب واختفاء هؤلاء المواهب، وبات من الضروري البحث عن كثرة المشاركات في مختلف البطولات الأخرى كالبطولة العربية أو أية بطولات ودية في المنطقة سعيا وراء تطوير المنتخب وأن يكون داعما للمنتخب الأول للرجال في السنوات القادمة. نجوم في الدوري.. ولكن!! المتابع لمنافسات دوري زين البحرين لكرة السلة لفئة الرجال يدرك تماما كثرة النجوم الذين يمتلكون مقومات التواجد في صفوف المنتخب الوطني الأول للرجال، فلاعبون أمثال حسين سلمان وأحمد جمال في الحالة وسيد محمد حميد في الاتحاد وعلي جاسم في مدينة عيسى وأحمد سلمان وعلي ربيعة في المحرق وجاسم أبل في الأهلي جميعهم من نجوم الدوري ومعظمهم مثلوا المنتخبات الوطنية للفئات العمرية في سنوات سابقة، وهم يتألقون حاليا مع أنديتهم باستمرار في ظل إعطاء الثقة لهم من قبل ناديه خلال المباريات، ولكن لا نجدهم في المنتخب الأول رغم ذلك، وهذا يدل على أن إعطاء الفرصة للاعبين في المشاركة مع أنديتهم يسهم في تألقهم بشكل ملحوظ، فما بالك حينما يتم استدعاء اللاعب لتمثيل المنتخب الأول، فكيف سيكون أداؤه وعطاؤه مع المنتخب ؟ عيسى بن علي والشغف لتطوير السلة البحرينية لا يستطيع أي شخص محب ومتابع لكرة السلة في الفترة الأخيرة أن يتجاهل أو ينكر الجهود التي يبذلها سمو الشيخ عيسى بن علي بن خليفة آل خليفة رئيس الاتحاد البحريني لكرة السلة وسعيه لنقل كرة السلة البحرينية نحو الأفضل من خلال الحركة التطويرية والقفزة النوعية لكرة السلة في البلاد. ومن المؤكد أن شغف وحب سموه لكرة السلة سيسهم في تطوير كرة السلة ليس فقط على مستوى الأندية فحسب، بل على المنتخبات الوطنية كذلك، وهذا ما لمسناه من خلال حرص سموه على مشاركة المنتخب الوطني الأول في مختلف البطولات كالبطولة العربية التي أقيمت بمصر وكذلك البطولة الودية التي أقيمت في جدة، ليس سعيًا وراء تحقيق البطولات وإنما حرصا من سموه على تطوير كرة السلة البحرينية من خلال كثرة المشاركات الخارجية. ولا بد أن سمو الشيخ عيسى بن علي بن خليفة آل خليفة يمتلك المزيد في جعبته لتطوير المنتخبات الوطنية للفئات العمرية وكيفية تطوير مستوياتهم الفنية والبحث عن المشاركات الخارجية قدر الإمكان، ومن المؤكد أن توجيهات سموه من تشكيل منتخب أولمبي هي أولى الخطوات للحفاظ على المواهب السلاوية للفئات العمرية الذين مثلوا خير تمثيل لمنتخبات الناشئين والشباب وليكونوا خير بديل للاعبي منتخب الرجال في السنوات القادمة، ومن المؤكد أن المنتخب الوطني للناشئين الذي حقق مؤخرا البطولة الخليجية في الدمام يمتلك مقومات أن يكون منتخب المستقبل لهذه الرياضة الأكثر شعبية في المملكة. ولا يختلف اثنان أن كثرة المشاركات للمنتخبات الوطنية للفئات العمرية هي الحل الأنسب لضمان استمرارية هذه المواهب السلاوية، كما يمكن أيضا ابتعاث أبرز نجوم المنتخب الذين يمتلكون مقومات تمثيل منتخب الرجال إلى معسكرات خارجية في أوروبا أو أمريكا لتطوير وصقل مهاراتهم وتعزيز قوتهم ليؤهلهم بذلك التواجد في المنتخب الأول في الاستحقاقات القادمة. وأخيرا وليس آخر إعطاء الفرصة والثقة لهؤلاء المواهب لتمثيل المنتخب الوطني للرجال في المشاركات الخارجية القادمة ليس سعيًا وراء النتائج أكثر مما أن يكون تمهيدًا لبناء منتخب مستقبل قوي قادم لتحقيق بطولة خليجية للمرة الأولى على مستوى الرجال.